مع برودة فصل الشتاء.. ماذا يعني تغير المناخ؟

منذ 3 أيام
مع برودة فصل الشتاء.. ماذا يعني تغير المناخ؟

يوجد تساؤلات حول برودة فصل الشتاء هذا العام وتأثيرها على مفهوم تغير المناخ. من الضروري التوضيح أن الطقس البارد لا يعني عدم وجود تغير في المناخ، بل هو جزء من التغيرات الطبيعية التي يمر بها العالم بسبب تلك الظاهرة.

-ما هو تغير المناخ؟

تغير المناخ هو تحول طويل الأمد في درجات الحرارة المتوسطة للأرض وأنماط الطقس.

وخلال القرن الماضي، شهد العالم ارتفاعاً سريعاً في درجات الحرارة نتيجة لأنشطة بشرية، ما أدى إلى تغييرات كبيرة في أنماط الطقس.

بحسب بي بي سي، على مدى الأعوام بين 2014 و2023، كانت درجات الحرارة العالمية أعلى بنحو 1.2 درجة مئوية من تلك المسجلة في أواخر القرن التاسع عشر، وفقاً للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

ومن المتوقع أن يكون عام 2024 الأكثر سخونة على الإطلاق، حسب هيئة المناخ الأوروبية.

-كيف يتسبب البشر في تغير المناخ؟

على مدار تاريخ الأرض، تغير المناخ طبيعياً، لكن الاحترار السريع في القرن الماضي لا يمكن تفسيره بالأسباب الطبيعية وحدها، الأنشطة البشرية، وخاصة حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز، هي المحرك الأساسي لهذه التغيرات، وفقا لبي بي سي.

عند احتراق الوقود الأحفوري، يتم إطلاق غازات دفيئة، وأبرزها ثاني أكسيد الكربون “CO2″، الذي يعمل كغطاء يحبس الحرارة الزائدة في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

منذ بداية الثورة الصناعية، زادت مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بنسبة 50% تقريباً، وهو مستوى لم تشهده الأرض في تاريخها الحديث.

-لماذا يجب أن نهتم؟

تغير المناخ يشكل تهديداً كبيراً للحياة الطبيعية والبشرية، من الفيضانات والجفاف إلى ارتفاع مستويات البحار، تتسبب هذه التغيرات في تأثيرات مدمرة على المجتمعات والنظم البيئية، ومع ذلك، يؤكد العلماء أن اتخاذ إجراءات عاجلة يمكن أن يحد من أسوأ تأثيرات هذه الظاهرة.

فحتى مع برودة الشتاء الحالي، علينا أن نتذكر أن المناخ هو الاتجاه العام على المدى الطويل، بينما الطقس يعبر عن الظروف قصيرة الأمد.

-ما هي تأثيرات تغير المناخ التي رأيناها بالفعل؟

يذكر تقرير بي بي سي أنه على الرغم من أن ارتفاع درجة الحرارة العالمية المتوسطة بمقدار 1.2 درجة مئوية قد يبدو طفيفًا، إلا أن تأثيراته على البيئة والإنسان كانت كبيرة ولا يمكن تجاهلها.

فقد أظهر هذا الاحترار تغيرات ملحوظة في أنماط الطقس، وأسهم في تأثيرات بيئية واجتماعية واقتصادية خطيرة.

وشهد العالم زيادة ملحوظة في تواتر وشدة الأحوال الجوية القاسية، مثل موجات الحر التي أصبحت أكثر حدة، وكذلك الأمطار الغزيرة التي تؤدي إلى فيضانات مدمرة، كما تتسارع وتيرة ذوبان الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية، مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر، وهي ظاهرة تهدد المدن الساحلية والمجتمعات التي تعيش بالقرب من الشواطئ.

بالإضافة إلى ذلك، أدى الاحترار العالمي إلى فقدان كبير في الجليد البحري في القطب الشمالي، مما يؤثر على النظم البيئية في المنطقة ويهدد حياة الكائنات التي تعتمد على هذه البيئات، مثل الدببة القطبية.

من جهة أخرى، ساهمت درجات الحرارة المرتفعة في زيادة حرارة المحيطات، مما أدى إلى تفاقم العواصف المدارية والأعاصير، وأثر ذلك سلبًا على الحياة البرية، خاصة الشعاب المرجانية التي تعد موائل أساسية للعديد من الكائنات البحرية.

التغيرات المناخية لا تؤثر فقط على البيئة، بل تمتد تأثيراتها إلى المجتمعات والاقتصادات، على سبيل المثال، الأعاصير القوية مثل هيلين وميلتون، التي ضربت الولايات المتحدة في سبتمبر وأكتوبر 2024، تسببت في أضرار جسيمة قدرت تكلفتها بنحو 50 مليار دولار “40 مليار جنيه إسترليني”، هذه الكوارث لا تؤدي فقط إلى خسائر اقتصادية، بل تتسبب في تشريد آلاف الأسر، كما تؤثر هذه التغيرات على إنتاج الغذاء، حيث تعاني المحاصيل الزراعية من الجفاف والفيضانات، مما يهدد الأمن الغذائي في العديد من المناطق، خاصة في البلدان النامية، وفقا لتقارير إعلامية.

كما تؤدي موجات الحر المتزايدة إلى ارتفاع معدلات الأمراض المرتبطة بالحرارة، مثل الإجهاد الحراري، بينما تساهم التغيرات في أنماط الأمطار في انتشار الأمراض المنقولة عبر المياه، كل هذه التغيرات تؤكد الحاجة الماسة إلى العمل العاجل للتكيف مع تغير المناخ والحد من أسبابه.

يمكن تحقيق ذلك من خلال تقليل انبعاثات غازات الدفيئة، وزيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة، وتعزيز مرونة المجتمعات لمواجهة الكوارث، وتغير المناخ ليس مجرد قضية بيئية، بل يمثل تحدياً يمس كل جانب من جوانب الحياة على الأرض، ومن خلال العمل الجماعي، يمكن تقليل المخاطر وتحقيق مستقبل أكثر استدامة.


شارك