هل يُفرط ليفربول في اعتماده على محمد صلاح؟

يواصل النجم المصري محمد صلاح تألقه مع ليفربول، حيث أصبحت قدرته على تسجيل الأهداف وصناعة الأهداف عنصرا أساسيا في أداء الفريق هذا الموسم. بالنظر إلى أرقامه القياسية ومساهمته الحاسمة في نتائج الريدز، يطرح سؤال مهم: هل يعتمد ليفربول على صلاح بشكل كبير؟
سجل صلاح أهدافا وقدم تمريرات حاسمة بانتظام مع ليفربول هذا الموسم، وفعل ذلك مرة أخرى يوم الأربعاء ضد إيفرتون، حيث أرسل عرضية إلى أليكسيس ماك أليستر ليدرك التعادل في الشوط الأول، ثم سجل هدفا بنفسه في الشوط الثاني.
كانت هذه هي المرة التاسعة التي يسجل فيها ويساهم في صناعة هدف في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم – وهو رقم قياسي.
وتعتبر أرقام صلاح (32 عاما) مثيرة للإعجاب، حيث سجل 22 هدفا وقدم 14 تمريرة حاسمة في الدوري (27 هدفا و19 تمريرة حاسمة في كل المسابقات)، ولا توجد أي مؤشرات على تباطؤ مستواه مع دخول ليفربول المراحل النهائية الحاسمة من الموسم.
لكن السؤال المطروح الآن: هل ليفربول في خطر بسبب الاعتماد بشكل كبير على عبقرية صلاح؟
مقارنة بين دياز ونونيز وجوتا
إذا نظرنا إلى أرقام المهاجمين الآخرين في الفريق، فإن الصورة ليست وردية للغاية: لويس دياز لم يسجل هدفًا لليفربول في آخر 10 مباريات، وداروين نونيز لم يسجل هدفًا في آخر 6 مباريات (وثلاثة أهداف فقط في آخر 19 مباراة). وتبدو أرقام ديوجو جوتا أفضل، لكنه لم يسجل في آخر ثلاث مباريات، ويبلغ متوسطه نحو هدف واحد كل ثلاث مباريات في موسم عانى فيه من العديد من الإصابات.
وبحسب موقع “ذا أتلتيك”، فإن أرقام صلاح تعكس أهميته بالنسبة لليفربول عند مقارنة إجمالي أهدافه وتمريراته الحاسمة بأهداف زملائه في الفريق.
وتشير البيانات أيضًا إلى أنه لا يوجد نادٍ آخر في الدوري الإنجليزي الممتاز يعتمد على لاعب هجومي واحد أكثر من ليفربول الذي يعتمد على صلاح، الذي ساهم في 62% من أهداف فريقه في الدوري هذا الموسم.
تبدو هذه الأرقام مرتفعة تاريخيا نظرا لأن لاعبا واحدا يسيطر على الأداء الهجومي للفريق. في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز، فقط مات لو تيسييه حقق نسبة مشاركة أعلى في موسم واحد. ساهمت أهدافه الـ34 بنسبة 69% من إجمالي أهداف ساوثهامبتون الـ49 في موسم 1993/1994.
استغلال امكانيات صلاح
ولكن ليس من المفاجئ أن يكون صلاح هو العنصر الأبرز في هجوم ليفربول. بعد كل شيء، فهو واحد من أفضل المهاجمين في العالم. قام المدرب أرن سلوت بتدريب الفريق للوصول إلى أقصى إمكاناته. وبالإضافة إلى ذلك، فقد بذل جهدًا واضحًا لإبقائه في المناطق الأمامية وقريبًا من مرمى المنافس.
عندما يكون اللاعب مستحوذًا على الكرة، فإن الهدف غالبًا هو تمرير الكرة إلى صلاح لإكمال الهجمات. يتضح ذلك من خلال مقارنة مساهمات لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز في الأداء الهجومي لفرقهم.
من بين جميع لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز الذين لعبوا أكثر من 900 دقيقة هذا الموسم، فقط أنطوان سيمينيو لاعب بورنموث (4.1 تسديدة كل 90 دقيقة) ونوني مادويكي لاعب تشيلسي (4 تسديدات) لديهما تسديدات أكثر من صلاح (3.9 تسديدة).
عندما يفقد صلاح الكرة، فإنه غالبا ما يضطر للضغط على قلب الدفاع الأيمن للفريق المنافس بدلا من المدافع الأيمن. إذا مرت الكرة فوقه أو حوله، فإن مسؤولية تغطية تلك المساحة تقع على عاتق صانع ألعاب ليفربول، سواء كان دومينيك زوبوسزلاي أو كورتيس جونز أو الظهير الأيمن.
وهذا ليس انتقادا لصلاح، بل اعتراف بدوره الذي يقلص دوره الدفاعي ويضمن عدم التراجع كثيرا عند الاستحواذ على الكرة من أجل التواجد في موقع هجومي.
جاكبو على الجناح الأيسر
صحيح أن الموسم الرائع الذي يقدمه صلاح حاليا هو السبب الرئيسي في تصدر ليفربول لجدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز ووصوله لنهائي كأس الرابطة ودور الستة عشر لدوري أبطال أوروبا. ولكن هل أثر هذا التألق أيضًا على أداء زملائه الهجوميين؟ الجواب معقد.
على سبيل المثال، كان كودي جاكبو بمثابة اكتشاف مذهل على الجناح الأيسر بعد أن لعب بالكاد في مركزه المعتاد تحت قيادة المدرب السابق يورجن كلوب. ومع ذلك، ومع وصول سلوت، أصبح خيارًا دائمًا في هذا المركز وحقق نجاحًا ملحوظًا، حيث سجل عددًا من الأهداف هذا الموسم يساوي ما سجله طوال الموسم الماضي.
ومع ذلك، فإن هذا يناسب نمط نجاح الأجنحة تحت أي ظرف، وهذا يشمل حتى دياز، الذي بدأ الموسم في أفضل حالاته على الجانب الأيسر. لكن الأمر مختلف بالنسبة للمضربين.
كان أداء جوتا قوياً بشكل عام لكنه عانى من الإصابات، وعلى الرغم من أن نونيز تحسن كثيراً كلاعب في الفريق، إلا أنه لا يزال يكافح من أجل تسجيل الأهداف.
وبمقارنة إحصائيات المهاجمين هذا الموسم مع إحصائيات الموسم الماضي، يمكننا أن نرى انخفاضًا في إجمالي عدد التسديدات والتسديدات على المرمى واللمسات في منطقة جزاء المنافس، وكذلك عدد الأهداف المتوقعة لكل 90 دقيقة بالنسبة لنونيز، بينما ارتفع المتوسط بالنسبة لجوتا، ما يشير إلى أن الأخير يحصل على المزيد من الفرص ولكن بشكل أقل انتظامًا.
الفتحة والمهاجم المطلق
وقبل مواجهة ليفربول مع كريستال بالاس في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اعترف سلوت بأنه حريص على إيجاد طرق لجعل مهاجميه أكثر خطورة، حتى أنه أشار إلى أن جوتا سجل هدفين من أهدافه في كأس كاراباو ضد وست هام كلاعب خط وسط مهاجم.
ويبدو أن هذه العملية مستمرة، مع دفع دياز إلى الدور للسماح لسلوت بمواصلة سياسة التناوب هذه. ورغم أنه تأقلم بشكل جيد في البداية وسجل أهدافا ضد توتنهام ووست هام، إلا أن مساهمته التهديفية من هذا المركز أصبحت معدومة تقريبا منذ بداية عام 2025.
وعندما بدأ في مركز المهاجم الصريح ضد نوتنغهام فورست وبرينتفورد في يناير/كانون الثاني، لم يشكل تهديدا كبيرا وتم استبداله بجوتا ونونيز، اللذين سجلا أهدافا بعد دخولهما كبديلين.
ويبدو أن دياز (28 عاما) يشعر براحة أكبر في مركز المهاجم، خاصة أمام الفرق التي تدافع بضغط عالٍ، حيث يستطيع استغلال المساحات والعمل كصانع ألعاب إلى جانب دومينيك زوبوسزلاي. ومع ذلك، أمام الفرق التي تلعب في عمق الملعب وتملك مساحات محدودة، لم يتمكن من التأثير على المباراة وإبقاء مدافعي الفريق المنافس مشغولين.
وقال سلوت في مؤتمر صحفي قبل المباراة ضد بليموث: “أعتقد أننا نستخدم المهاجم المركزي بشكل أفضل مما فعلنا في بداية الموسم”.
“هذه إحدى النقاط الإيجابية التي تأتي من لعب المزيد من المباريات، والتدريب معًا أكثر، وعقد المزيد من الاجتماعات، لأنه يمكنك تسليط الضوء على هذه الأشياء بشكل أفضل. أعتقد أننا اعتمدنا كثيراً على الأجنحة في بداية الموسم، ولكن أعتقد أننا بدأنا نعتمد بشكل أكبر على المهاجم المركزي”.
“هذا يضع هؤلاء اللاعبين في مراكز واعدة ويمنحهم نفس الفرص التي يتمتع بها الجناحون. لذا إذا وضعت جوتا أو دياز أو نونيز في مركز جيد، فسوف يمنحونك ما تبحث عنه: الأهداف والتمريرات الحاسمة”.
أرقام ديوجو جوتا
حتى الآن، سجل مهاجمو ليفربول الحقيقيون 12 هدفا فقط من أصل 56 هدفا سجلها الفريق في الدوري هذا الموسم.
ومن بين اللاعبين الثلاثة الذين تم اختيارهم مرارا وتكرارا لهذا المركز، تبرز أرقام جوتا لأنه في أفضل مواقع التهديف، والأقرب إلى المرمى، ونسبة أهدافه بالنسبة إلى الدقائق التي لعبها أفضل بكثير من منافسيه.
وتشير إحصائيات التسديد إلى وجود عدد قليل جدًا من التسديدات من منطقة الست ياردات، ولكن عددًا كبيرًا من المحاولات في المساحة الوسطى بين هذه المنطقة ونقطة الجزاء، منها خمس محاولات فقط تحولت إلى أهداف. وهذا يشير إلى أن الفريق يفتقد الكثير من الفرص الجيدة.
والآن بعد أن أصبح المهاجمون الستة جاهزين، يستطيع سلوت العودة إلى استراتيجية اللعب بلاعبين اثنين، والتي استخدمها بنجاح كبير في وقت سابق من الموسم. ويمكن أن يستفيد دياز من العودة إلى مركزه الطبيعي كجناح، بينما سيكون التحدي بالنسبة لنونيز وجوتا هو استعادة مستواهما وإيجاد الإيقاع المناسب.
ويتحمل صلاح حاليا العبء الأكبر من قدرة ليفربول على تسجيل الأهداف، ورغم أنه لا يُظهر أي علامات على التباطؤ، فإنه بالتأكيد سيقدر المزيد من الدعم من زملائه في الفريق.
*المادة مترجمة بواسطة SRMG