صمود في وجه التحديات وتمسك بالأصل.. كواليس صناعة فانوس رمضان من أقدم ورشة بالسيدة زينب

منذ 5 أيام
صمود في وجه التحديات وتمسك بالأصل.. كواليس صناعة فانوس رمضان من أقدم ورشة بالسيدة زينب

 

بعد عدة أيام، سيظهر الهلال المنير في السماء، معلناً قدوم شهر رمضان المبارك، شهر العبادة والصيام.

ثلاثون يوما ممتلئة بالصلوات والروحانيات، كما لا تخلو من الطقوس الاجتماعية، كالعزائم وموائد الرحمن والزينة، ولا يمكن إغفال الفانوس، الذي يمثل رمزا لشهر رمضان.، يضفي البهجة داخل المنازل وفي الشوارع.

الروايات تشير إلى ظهور الفانوس في عصر الدولة الفاطمية، حينما خرج المصريون لاستقبال المعز لدين الله الفاطمي، بالقاهرة، عام 358 هـ، حاملين المشاعل والفوانيس الملونة لإضاءة الطريق ليلًا، ويقال إن الفوانيس ظلت مضيئة في الشوارع حتى نهاية شهر رمضان، ومن ثم أصبحت عادة رمضانية.

وهنا تظهر عدة تساؤلات.. كيف تُصنع الفوانيس التي نزين بها منازلنا، وما هي المراحل التي تمر بها حتى تصل إلى أيدينا.. وهل هناك تحديات تواجه تلك الصناعة؟

كل تلك الأسئلة تمكنت “الشروق” من الإجابة عليها خلال جولتها داخل إحدى أقدم ورشة لصناعة الفوانيس في منطقة السيدة زينب، والتي تحمل اسم “ورشة أم إبراهيم”.- مراحل متعددة وعمال متخصصين

البداية كانت بالحديث مع كرم محمد، 48 سنة، أحد العمال بالورشة، والذي قال إنه يعمل بتلك المهنة منذ صغره، وتوارثها عن أجداده، مؤكدا اعتزازه بها.

وأوضح كرم، أن الفانوس يمر بعدة مراحل خلال تصنيعه،ويتولى كل مرحلة عامل متخصص فيها، تبدأ من استلام خامات الصاج، ثم تقطيعها بمقاسات معينة، وكبسها عبر مكبس كبير وتفريغها بأشكال مختلفة، وصنع رسومات بها، ثم تجهيزها للتجميع والتدبيس، لتصل في النهاية إلى مرحلة اللحام.

وذكر أن هناك أنواعا متعددة للفوانيس؛ منها: “مخمس، دلاية، فاروق، نجمة، فاروق كبير، فاروق صغير، برج 25، برج 30، برج 50”.

– الصاج هو الأصل

ووصف الفانوس بأنه فرحة رمضان، قائلا: “إذا لم تر فانوس في الشارع فلن تشعر بفرحة الشهر الكريم”.

واعتبر أن ألعاب الأطفال المستوردة من الصين والمزودة بماكينة وبطاريات لتغني أغاني الاحتفال بالشهر الكريم، ليست فانوسًا ولا علاقة لها بشهر رمضان، مؤكدا: “هي مجرد لعبة، لكن الفانوس الصاج هو فانوس رمضان”.

وعن أشكال الفوانيس قديما، أوضح أنه يعتقد أنها كانت تأخذ الشكل المربع وتُعلق على جانبي الشوارع لإضاءتها ليلًا طوال شهر رمضان، وبدأت إضاءة الفانوس بشمعة، ثم تطورت مع دخول الكهرباء وتم استبدال الشمعة بالمصباح، وكذلك الشكل تم تطويره وتحديثه وإدخال عليه الرسومات والزخارف.

وذكر أن فترة عملهم خلال العام عبارة عن ثلاثة أو أربعة أشهر فقط قبل شهر رمضان، لكن خلال الشهر الكريم يتوقفون عن العمل.

– صعوبات وتحديات

بطبيعة الحال تواجه صناعة الفوانيس بعض الصعوبات، وتمثل أبرزها في غلاء المواد الخام التي تعتمد عليها الصناعة وهي الصاج.

وقال أيمن قدري الذي يعمل بالمهنة منذ 28 عامًا، ويتولى مهمة قص المواد الخام: “مهنة صناعة الفوانيس كلها صعوبات وشغل، فهي ليست مهنة سهلة”.

– البهجة تغطي على الصعوبات

على العكس، تؤكد رضا نظمي، التي تتولى مهمة تدبيس قطع صاج مع قطع بلاستيك كإحدى مراحل صناعة الفانوس، أنها لم تجد أية صعوبات بعملها بل بالعكس تشعر ببهجة رمضان وأجواء رمضان الجميلة التي تنتظرها من عام لعام.

وتعمل رضا، في مهنة صناعة الفوانيس منذ 3 سنوات لشراء مستلزمات عرسها، وتتمنى ألا تغلق الورشة أبوابها أمامها في يوم من الأيام، قائلة: “نفسي المكان ده ميقفلش خالص”.

نفس المشاعر يؤكدها أيمن قدري، أحد عمال الورشة، قائلا: “رمضان هو أحلى شهر في السنة، شهر الخير والرزق والبركة والفرحة والفوانيس والزينة، وأجوائه وروحانياته بالسنة كلها”.

وأوضح أنه لا يمتهن أي مهنة أخرى غير صناعة الفوانيس التي يبدأ العمل بها منذ شهر جمادي الثاني ورجب حتى قدوم شهر رمضان، وباقي العام يحاول أن يعمل في أشياء مختلفة.

– مهنة الأجداد

بدوره، قال خليل كامل، صانع فوانيس، إنه ورث المهنة عن أجداده، ويعمل في ورشة “أم إبراهيم” من صغره.

وعن احتمالية استغناء البعض عن فانوس رمضان، قال كامل في ختام حديثه: “طول ما في رمضان، إن شاء الله يبقى في فانوس رمضان، فهو من العادات والتقاليد المرتبطة بالشهر الكريم ولا يمكن الاستغناء عنه”.


شارك