كيف اختار البابا الجديد اسم “ليو الرابع عشر”؟ اكتشف القصة الكاملة!

عندما يتصاعد الدخان الأبيض من كنيسة سيستين في الفاتيكان، تُعلن الكنيسة الكاثوليكية زعيمها الجديد، وقبل أن يصعد إلى شرفة ساحة القديس بطرس، يكون قد حسم اسم البابا بالفعل.
وتصاعد دخان أبيض من مدخنة كنيسة سيستينا بالفاتيكان، اليوم الخميس، في إشارة إلى اتفاق المجمع الانتخابي على اختيار بابا جديد، خلفًا للراحل البابا فرنسيس، خلال جولة التصويت التي أُجريت مساء اليوم الخميس.
وأعلن الفاتيكان، منذ قليل، اختيار الكاردينال الأمريكي روبرت فرنسيس بريفوست بابا جديدًا خلفًا للبابا الراحل فرنسيس، ويحمل البابا الجديد اسم ‘ليو الرابع عشر’.
وبانتخابه، أصبح البابا روبرت بريفوست أول أمريكي يتولى هذا المنصب الرفيع في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، حيث اختار الاسم البابوي ‘ليو الرابع عشر’ تكريمًا للبابا ليو الثالث عشر، المعروف بإصلاحاته الاجتماعية ودعمه للعمال في القرن التاسع عشر.
قصص وإلهام
يتساءل الكاثوليك حول العالم عمّن سينتخبه المجمع البابوي بابا للفاتيكان، وما الاسم الذي سيختاره لنفسه، إذ يُعدّ الاسم مؤشّرًا يُلمّح إلى مستقبل الكنيسة.
واختيار اسم جديد هو أول عمل علني للبابا، فمن ‘فرنسيس’ إلى ‘بنديكتوس’، ومن ‘يوحنا بولس الثاني’ إلى ‘بيوس’، تحمل أسماء الباباوات دلالات عميقة عن الإصلاح والتحول، وفقًا لصحيفة USA Today الأمريكية.
ولا يُعدّ اللقب الجديد، المعروف بـ’الاسم البابوي’، مجرد تفضيل شخصي أو إشارة إلى قديس مُفضّل، بل كثيرًا ما يكون أول رسالة يُوجّهها البابا للعالم حول من ينوي أن يكون، والإرث الذي يُكرّمه، والاتجاه الذي يأمل أن يقود الكنيسة نحوه، حتى قبل أن يُلقي كلمته، بحسب السجل الوطني الكاثوليكي.
وتوضح صحيفة أخبار الفاتيكان أن الباباوات غالبًا ما يتخذون أسماء أسلافهم أو قديسيهم بدافع الاحترام أو الإعجاب أو التقدير، وقد يدل ذلك على رغبتهم في اتباع أو تقليد نوايا الباباوات السابقين.
وعلى النقيض من ذلك، قد يُشير اتخاذ اسم بابوي مختلف أو غير متوقَّع إلى تغييرات مقبلة في توجهات الكنيسة، ولهذا السبب تُحلَّل دلالات الاسم وارتباطاته التاريخية بمجرد الكشف عنه.
ومن الجدير بالذكر أن الباباوات خلال أول خمسمئة عام من تاريخ الكنيسة احتفظوا بأسمائهم الأصلية، وكان مارسيلوس الثاني آخر من احتفظ باسمه عند توليه المنصب عام 1555.
كيف يختار البابا اسمه؟
لا توجد قواعد رسمية تحكم اختيار البابا لاسمه. وقال جوشوا ماكماناواي، الأستاذ المساعد في معهد ماكغراث لحياة الكنيسة بجامعة نوتردام، لمجلة ذا بيلار الأمريكية: ‘لا توجد قواعد تُذكر للرجل الذي يترأس الكنيسة، لذا يُسمح له باختيار ما يشاء’.
قاعدة غير مكتوبة: لا لـ بطرس
رغم أن القانون الكنسي لا يُلزم البابا بتغيير اسمه، إلا أن هناك قاعدة غير مكتوبة تمنع اتخاذ اسم ‘بطرس’، احترامًا للقديس بطرس، المعروف تقليديًا بأنه أول بابا للكنيسة الكاثوليكية.
كما توجد أسماء لم يُقدم أي بابا على اختيارها حتى الآن، مثل: أندرو، ويعقوب، ويوسف، ولوقا.
ولم يستخدم سوى باباوين فقط اسمين مركبين: يوحنا بولس الأول في أغسطس 1978، ويوحنا بولس الثاني الذي خلفه في أكتوبر من العام نفسه.
الأسماء الأكثر شيوعًا
تُعدّ أسماء يوحنا، وبندكت، وغريغوريوس، وكليمنت من أكثر الأسماء تفضيلًا بين الباباوات عبر العصور. ومن المتوقع أن يشرح البابا الجديد لاحقًا أسباب اختياره لاسمه البابوي، في حين يدرس المؤرخون دلالاته ومعانيه بدقة.
على سبيل المثال، يعكس اسم ‘يوحنا’ ارتباط البابا بالإنجيل، إلى جانب يوحنا المعمدان، ويوحنا الإنجيلي، ويوحنا الصليب، وغيرهم من القديسين، وفقًا لـ السجل الوطني الكاثوليكي.
البابا الأمريكي الأول
وبوصوله إلى سدة البابوية، يصبح ليو الرابع عشر أول أمريكي يتولى هذا المنصب الرفيع في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية. وقد اختار اسمه تكريمًا للبابا ليو الثالث عشر، الذي اشتهر بإصلاحاته الاجتماعية ودعمه لحقوق العمال في أواخر القرن التاسع عشر.
وُلد روبرت بريفوست في شيكاغو، واشتهر بتفانيه في العمل الرعوي وخبرته في الشؤون الكنسية، حيث شغل مناصب قيادية بارزة في الكنيسة الكاثوليكية في كل من الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية.
نهج واستمرارية
من المتوقع أن يواصل البابا ليو الرابع عشر نهج سلفه في تعزيز الحوار بين الأديان، والانفتاح على القضايا الاجتماعية والبيئية، خاصة في ظل التحديات المتصاعدة التي تواجه الكنيسة في العالم المعاصر.
أبرز المناصب والمسؤوليات التي شغلها:
رئيس مجمع الأساقفة في الفاتيكان، وهو المنصب الذي عُيّن فيه بتاريخ 30 يناير 2023، ويُعنى بتقديم التوصيات للبابا بشأن تعيين الأساقفة في الكنائس ذات الطقس اللاتيني حول العالم.
رئيس اللجنة البابوية لأمريكا اللاتينية، وهي لجنة تُعنى بدراسة أوضاع الكنيسة في القارة التي تضم نحو 40% من كاثوليك العالم.
إلى جانب مهامه الإدارية والروحية، يتقن بريفوست عدة لغات، من بينها: الإنجليزية، والإسبانية، والإيطالية، والفرنسية، والبرتغالية، كما يقرأ اللاتينية والألمانية، ما يُسهّل تواصله مع رجال الدين الكاثوليك من مختلف أنحاء العالم.
نال رتبة كاردينال في 30 سبتمبر 2023، وفي 6 فبراير 2025، رُقّي إلى رتبة أسقف كاردينال، وعُيّن في أبرشية ألبانو بالقرب من روما.