بعد 18 عامًا من الانتظار.. الفرحة المنقوصة: علي يُصارع ضمور العضلات وينتظر الأمل
![بعد 18 عامًا من الانتظار.. الفرحة المنقوصة: علي يُصارع ضمور العضلات وينتظر الأمل](https://emegypt.net/uploads/images/202502/image_870x_67ad33ab7c0c6.webp)
في مدينة شبين الكوم بمحافظة المنوفية، حيث تتشابك حكايات الناس البسطاء مع آمالهم وأحلامهم، كُتبت حكاية مختلفة، حكاية امتزجت فيها الدموع بالفرح، والأمل بالخوف، والشجاعة بالانكسار.
يعيش طفل صغير في بيت بسيط، اسمه ‘علي’، جاء بعد 18 عامًا من الانتظار، بعد سنوات طويلة من الدعاء والدموع. كان حلمًا تحقق بعد رحلة شاقة من العلاج، وعندما ظن والديه أن معاناتهما قد انتهت، كتب القدر فصلًا آخر، فصلًا موجعًا لم يكن في الحسبان.
ولد الطفل علي، الذي انتظراه ليكون زينة حياتهما، ولد بمرض نادر قاسٍ: ضمور عضلات ‘دوشين’، مرض يسرق من جسده الصغير قوته، ويهدد حياته ببطء، ليجعل كل لحظة من طفولته مغلفة بالألم والخوف.
وعرضت الإعلامية «نهال طايل» مقدمة برنامج «تفاصيل» المذاع على قناة «مجلة مصر2»، حكاية الطفل علي والتقت بوالديه.
تقول الأم علي دائمًا يقول لي: ‘أنا بحب الحياة يا ماما، الحياة حلوة’، كلمات بسيطة خرجت من قلب طفل لم يتجاوز بضع سنوات، عبر علي عن كل معاناته وأحلامه.
تروي والدته رقية إبراهيم خلال لقائها مع الإعلامية «نهال طايل» ببرنامج «تفاصيل»، المذاع على قناة «مجلة مصر2» قصتها وعيناها تغرقان في الدموع: ‘نفسي حد يحس بيا، نفسي حد يحس بقلب أم بيتقطع عشان ابنها، مش بحتفل بعيد ميلاد أبني نفسي بس أبني يعيش’.
تلك الأم التي انتظرت سنوات طويلة لتحمل بين ذراعيها طفلاً، لم تطلب الكثير، فقط أن يبقى ابنها على قيد الحياة، أن تحتفل بعيد ميلاده دون خوف من فقدانه، أن تراه يكبر أمام عينيها.
تزوجت رقية وهي في الثامنة عشرة من عمرها، كانت تحلم ككل الفتيات أن تصبح أمًا، أن يُزين صوت طفلها البيت بالضحكات، لكن الله شاء أن تبدأ رحلتها مع المعاناة مبكرًا، لتدخل في دوامة من التحاليل، والعلاجات، والمنشطات، والعمليات الجراحية.
مرت سنوات كأنها قرون، ودموع لا تجفّ في كل زيارة لطبيب، وأمل يتجدد مع كل دواء جديد، حتى وهبها الله أخيرًا علي، فشعرت أن الدنيا بأكملها بين يديها.
تتذكر تلك اللحظة قائلة: ‘كنت حاسة إن ربنا عوضني عن كل حاجة، حسيت إني أخيرًا بقيت أم زي أي حد، لكن الفرحة ما كملتش’.
كان علي طفلًا طبيعيًا حتى أتم عامين من عمره، حينها بدأت تظهر أعراض غريبة لم تكن الأم تعرف تفسيرًا لها، بدأ يعاني من فطريات في الفم لم تختفِ رغم الأدوية، ولم تجدِ زيارة الأطباء نفعًا.
تقول الأم: ‘كل شوية أغير الدكتور، وكل واحد يقول لي حاجة مختلفة، لحد ما طلبوا تحليل معين، طلع أنزيم العضلات مرتفع جدًا، وهنا كانت الصدمة’.
كان التشخيص بمثابة زلزال هز كيان الأسرة: ضمور عضلات دوشين، مرض نادر يتسبب في فقدان تدريجي للقدرة على الحركة، ثم يؤثر على التنفس وعضلة القلب حتى ينهي حياة المريض.
تتذكر تلك اللحظة الموجعة قائلة: ‘كنت حاسة إن الأرض بتتهز من تحتي، إزاي أبني اللي كان حلم حياتي هيعيش كده؟’.
ويقول الأب الذي ظل صامتًا طوال الحديث، لم يستطع حبس دموعه وقال بصوت متهدج:’بنحارب عشان علي يعيش، بنحارب عشان علي يعيش بس الحرب دي صعبة، صعبة جدًا’.
رغم قسوة المرض، قرر الأب والأم أن يقاتلا من أجل إبنهما، بدأ الأب في اتباع كل توصيات الأطباء بدقة: ‘علاج طبيعي يومي ليحافظ على حركة عضلاته، وتغذية خاصة تعتمد على البروتينات، وأدوية ومكملات غذائية لمحاولة إبطاء تدهور حالته’.
ويضيف الأب: ‘علي بياخد كورتيزون من وهو عنده 3 سنين، وممنوع من حاجات كتير حتى اللعب في المدرسة’.
تشرح الأم بحرقة: ‘المرض ده بيخلي الطفل يفقد الحركة واحدة واحدة، لحد ما يقعد على كرسي متحرك، وبعدين بيأثر على النفس وعضلة القلب لحد ما ينهي حياته’.
تصف كيف بدأ الأمر بفطريات في فم علي لم تختفِ، ثم اكتشفت ارتفاعًا شديدًا في أنزيمات الكبد، بعد سلسلة من التحاليل، جاء التشخيص الصادم: ضمور عضلات دوشين، لما عرفت مرضه، الفطريات راحت فجأة، حسيت إنها إشارة من ربنا عشان أحافظ عليه’.
تسرد الأم: ‘كل ساعة بتعدي بحس إنها ممكن تكون آخر ساعة ليه، يوم عيد ميلاده بيعدي عليا وحش أوي، علي، رغم صغر سنه، يدرك مرضه، لكنه يواجهه بشجاعة بيقولي: ‘أنا عارف يا ماما إني تعبان، بس بقول الحمد لله عشانك يا ماما”.
ناشدت الإعلامية «نهال طايل» الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، بفتح حساب لعلي لجمع التبرعات لعلاجه بالخارج، مؤكدة: ‘علي عنده أمل في العلاج، أرجوكم افتحوا حساب لعلي، يمكن نقدر ننقذ حياته’.
وبين الدموع والدعاء، تنتظر الأم بريق أمل ينقذ طفلها علي لا يحتاج فقط لعلاج، بل يحتاج لمن يقف بجانبه ليواصل حياته، ويعيش طفولته كما يستحق.